أطلق لفظ الاستشراق على المحاولة التي قام ويقوم بها بعضُ مفكري الغرب للوقوف على معالم الفكر الإسلامي وحضارته وثقافة الشرق وعلومه .
لو أرجعنا هـذه الكلمة إلى أصلها لوجدناها مأخوذة من كلمة إشراق ثم أضيف إليها ثلاثة حروف هي الألف والسين والتاء، ومعناها طلب النور والهداية والضياء، والإشراق من الشرق حيث نزلت الديانات الثلاث اليهودية والنصرانية والإسلام. ولما كان الإسلام هو الدين الغالب فأصبح معنى الاستشراق البحث عن معرفة الإسلام والمسلمين وبلاد المسلمين عقيدة وشريعة وتاريخاً ومجتمعاً وتراثاً...الخ.
التعريف عند الغربيين
ومع أن مصطلح الاستشراق ظهر في الغرب منذ قرنين من الزمان على تفاوت بسيط بالنسبة للمعاجم الأوروبية المختلفة، لكن الأمر المتيقن أن البحث في لغات الشرق وأديانه وبخاصة الإسلام قد ظهر قبل ذلك بكثير، ولعل كلمة مستشرق قد ظهرت قبل مصطلح استشراق، فهذا آربري Arberry في بحث له في هذا الموضوع يقول "والمدلول الأصلي لاصطلاح (مستشرق) كان في سنة 1638 أحد أعضاء الكنيسة الشرقية أو اليونانية" وفي سنة 1691 وصف آنتوني وود Anthony Wood صمويل كلارك Samuel Clarke بأنه (استشراقي نابه) يعنى ذلك أنه عرف بعض اللغات الشرقية. وبيرون في تعليقاته على Childe Harold's Pilgrimage يتحدث عن المستر ثورنتون وإلماعاته الكثيرة الدالة على استشراق عميق.
تعريفنا للاستشراق
هو كل ما يصدر عن الغربيين وأمريكيين من إنتاج فكري وإعلامي وتقارير سياسية واستخباراتية حول قضايا الإسلام والمسلمين في العقيدة، وفي الشريعة، وفي الاجتماع، وفي السياسة أو الفكر أو الفن، ويمكننا أن نلحق بالاستشراق ما يكتبه النصارى العرب من أقباط ومارونيين وغيرهم ممن ينظر إلى الإسلام من خلال المنظار الغربي، ويلحق به أيضاً ما ينشره الباحثون المسلمون الذين تتلمذوا على أيدي المستشرقين وتبنوا كثيراً من أفكار المستشرقين
وكان الاستشراق ومازال يهتم بالشعوب الشرقية عموماً التي تضم الهند وجنوب شرق آسيا والصين واليابان وكوريا. وعند مراجعة النشاطات الاستشراقية نجد أن هذه المناطق بدأت تخصص بدراسات خاصة بها مثل الدراسات الصينية أو الدراسات الهندية أو الدراسات اليابانية، أما الأصل فكانت كلها تضم تحت مصطلح واحد هو (الاستشراق).
لا نستطيع الجزم بتحديد أول شخص نبتت في ذهنه فكرةُ الاستشراق وغزو الشرق من الداخل، إلا أن معظم المحققين لهذه المسألة يكادون يجمعون على أن بداية هذه الحركة نشأت في نهاية القرن العاشر الميلادي وأوائل القرن الحادي عشر بفرنسا، وأن الراهب الفرنسي (جرير دي أولياك 938 - 1003م) كان من أوائل المشتغلين بعلوم الشرق، وارتبطت باسمه بداية حركة الاستشراق، إذ رحل من فرنسا إلى أسبانيا مهد الحضارة الإسلامية في وقته، فتعلم فيها اللغة العربية ووقف على علوم العرب في الرياضيات والطب والكيمياء والفلسفة، كما قرأ بعض العلوم الدينية حتى قيل إنه كان أوسع علماء عصره معرفة بعلوم العرب، وخاصة في الرياضيات والفلك، ثم ارتحل إلى روما حيث اشتهر من بين أقرانه بمعرفته الواسعة باللغة العربية وعلومها، وانتخب حبرًا أعظم باسم سلفستر الثاني (999 - 1003م) وكان بذلك أول بابا فرنسي، واستطاع من خلال منصبه الجديد أن ينشئ مدرستين لتدريس اللغة العربية وعلومها، وكانت الأولى في روما مقر البابوية، والثانية في وطنه الأصلي "دايمس"، ثم أنشأ بعد ذلك مدرسة ثالثة تسمى مدرسة "شارتر" وقام هذا الراهب الفرنسي بترجمة بعض الكتب العربة في الرياضة والفلك، وإليه يرجع الفضل في انتشار الأعداد العربية في أوربا التي كانت ينقصها رقم الصفر، ولم تكن تعرفه حتى نقله إليها (جرير دي أولياك) من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية .
تطور حركة الاستشراق
تلك الحقبة التي تبدأ من القرن الثامن الميلادي وتستمر حتى النهضة الاوروبيه الحديثة في القرن الخامس عشر , وفيها احتك الإسلام بالغرب سياسيا وحربيا, وأسس مراكز لحضارته في جنوب أوروبا وجنوبها الغربي, ووقف منها موقف المعلم يلقنها حضارة خصبة الجوانب كثيرة الروافد امتزج فيها تراثه العربي بتراث الفرس والهند واليونان وغيرهم من الأمم التي دانت لسلطانه, وكان موقف أوروبا من ذلك الدور أشبه
بموقفنا نحن من الحضارة الغربية في أوائل نهضتنا الحديث .
=====================================
ماتقدم كان فقط من اجل الوقوف على مفهوم الاستشراق وبداياته.
موضوعنا الاساسي:ـ
لوحات من فن الاستشراق
كان للوحات التي أبدعها المصورون عن الشرق أبلغ و أعمق الأثر في نفوس الغربيين، فقد كانت النافذة التي فُتحت على عالم سحري غريب غير العالم الذي ألفوه حتى ملوه. و قد احتلت مكانة خاصة ميزتها عن غيرها من الآداب الاستشراقية الأخرى: فهي تضع المشاهد أمام منظر حي و كأنه نابض بالحياة و تجعله يضيع في حناياه ناسيا الواقع الذي حوله، و محلقا في عالم آخر، عالم الألوان و الأجواء الخيالية و ألف ليلة و ليلة، عالم الشرق البعيد..
أن الفن الاستشراقي لم يصبح شعبيا إلا في القرن التاسع عشر لازدهار التجارة مع بلدان الشرق و تطور المواصلات الذي جعل الوصول إلى الشرق سريعا و سهلا، ترافق ذلك مع توالي الأحداث السياسية في القرن نفسه، بالإضافة إلى تنامي الرومانسية في أوروبا و ما تحمله في طياتها من دعوة إلى التغرب و إحياء لهالة الشرق السحرية0
وهذه بعض اللوحات من فن الاستشراق اتمنى ان تنال اعجابكم .
تقبلو تحياتي