مشكلة أتعبتنا اسمها ( كلام الناس )
نعيبُ زماننا و العيبُ فينا *** و مَا لِزمانِنَا عيبٌ سِوانا
عقدةٌ أتعبتنا ..
تدور و تُنظم و تُحبك خيوطها فيّ معظمِ المجالسِ و المجتمعاتْ .. على اختلافها عن بعضها
كلامُ الناس
مشكلةٌ تؤرقُ الهمَ و الوجدانْ
المطلقة .. تخشى كلام الناس ..
الأرملة .. تخشى كلام الناس ..
العاطل عن العمل .. يخشى كلام الناس ..
الفقير .. يخشى كلام الناس ..
العانس .. تخشى كلام الناس ..
الناس .. يخشون من بعضهم كلام الناس ..
تتعدد الأمثلة و المشكله واحدة
هل هوَ خوفٌ من الناس
أم خوفٌ من الشكل الذي سنظهر عليهِ أمام الناس
أم خوفٌ من ردةِ فعلِ أولئكَ الناس
أم خوفٌ و رهبةٌ من المستقبلِ المجهول
أم ماذا ؟
أقصوصةٌ تستحقُ أن تذكرَ بينَ ثنياتِ هذا الموضوع
[ جحا]
لا أعتقدُ أن هناك من لا يعرفه و لا يعرفُ بعضاً من طرائفهِ و نوادره ..
يُقال أنه في يومٍ ما كانَ جحا و ابنه يمشيانِ مع حمارهما فانتقدوهما الناس لأنهم لم يستغلوا الحمارَ كـوسيلةٍ للنقل
فركب جحا و ابنه على الحمار فانتقدوهما الناس مرةً ثانية و اتهموهما بأنهما عديميّ الرحمة فـكيف يركب اثنان على حمارٍ ضعيف كذاك ..
فنزل جحا و تركَ ولده على ظهرِ الحمار فانتقدوا الناس الابن و قالوا عنه بأنهُ ولدٌ عاق ..
فنزلَ الابنُ و ركبَ جحا فقالوا عن جحا أنهُ لا يرحم و أنه قاسٍ على ابنه ..
فقام جحا و ابنه و حملوا الحمار و هم يمشون .. فضحكَ الناس عليهما لبلاهتهما ..
و من هُنا ندركْ :
أنَ إرضاءَ الناسِ غايةٌ لا تُدرك
فهل يُعقل .. أن يخسرَ إنسانٌ حلمهُ و طموحه .. و يتخلى عن تحقيق أهدافهِ و رغباتهِ من أجل إرضاء الناس
و اللهِ إنَ الشيءَ الذي أعرفه و تعلمتهُ في بيتِ والديّ و نشأتُ عليهِ منذُ أن كنتُ طفلةً تلعبُ عند والدتها بألعابها و تحتضن دميتها
بأن كلام الناس لا يُقدم و لا يُأخر
و بأنه لا يُدخل لا جنة و لا نارْ
و بأنهُ لا يُسمن و لا يُغني من جوع
للأسف ما نراه الآن
مُعظم الناس أصبح الهم الأوحدُ لهم هو تتبع عيوب الناس و انتقادها
فـالإنسان الناقص هو من يتتبع عيوب الآخرين و يترك نفسه التي يجب أن يُقومها و يعودها على عدم التدخل بشؤون الغير
من راقب الناسَ ماتَ هماً
أما من يخاف من كلام الناس فهذا بالتأكيد صاحب شخصية متزعزعة
لو كانَ على أتمِ الثقةِ من نفسه و يمشيّ بالطريق الذي يراه صحيحاً و غير مخالفْ لقيم الإسلام السامية .. فلن يهمهُ أيُ شيءٍ من كلامْ الناس ..
كما يقال:
[ واثقُ الخطوة يمشيّ ملكاً ]
همسةٌ أخيرة لكُل أذنٍ و عينْ
القلوبْ ملكٌ لله سبحانهُ و تعالى
و من أرادَ أن يمتلكَ قلوبَ الناس
فليسعى لإرضاءِ اللهِ أولاً
فـهوَ سبحانهُ من يملكُ القلوبَ
و يجعلها ترضى على من رضيَّ الله عنه بقولهِ و عمله
قال تعالى : [ و تخشى الناس و الله أحقٌ أن تخشاه ] صدقَ الله العظيمْ
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من أسخط الله في رضى الناس سخط الله عليه، و أسخط عليه من أرضاه في سخطه، و من أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه، و أرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه، و يزين قوله و عمله في عينه ]
]
|